المتتبّع لسلسلة التسريبات حول مزاعم معرفة الصين بالغزو الروسي قبل وقوعه، ثمّ محاولة تقديمها دعما اقتصاديا و تقنيا عسكريا لروسيا، يُدرك تمام الادراك أنّها و إن لم تكن موثقة و بلا دليل تتقاطع مع شبهات ترقى من الشك الى اليقين…
رغم حرص روسيا و الصين إعطاء صورة نمطية لمصير مشترك، فإنّنا نجد لهما اختلافات حول كثير من الملفات فعلى سبيل المثال تؤيد إحدهما الهند بينما على النقيض تؤيد الاخرى باكستان، فإن الحلف الروسي الصيني تأسّس على عقد و ميثاق واحد و هو مجابهة الولايات المتحدة.
و لكن هل سيصمد هذا الحلف امام رهانات المصالح التجارية العالمية؟
تجمع بين القوّتين مصالح إقتصادية تعوّل عليها روسيا لجعل الصين تدافع عن الاخطاء الاستراتيجية الروسية مهما كثرت و أخرها غزو أوكرانيا، فالصين في مفترق الطرق و تجد نفسها مكرهة بين المطرقة الروسية التي ترتبط معها بعقود تزويد بالطاقة تمتد لثلاثين سنة، و سندان العلاقات و المبادلات التجارية مع اوروبا و الولايات المتحدة و التي تقارب ثلثي التجارة الخارجية الصينية، لذلك نجدها متردّدة في اتخاذ موقف صريح من الغزو الروسيي لأوكرانيا.
القيادة الصينية تعيش صراعا داخليا بين العاطفة و العقل، فالعاطفة تقودها لدعم روسيا و حتى محاولة احداث شرخ في معسكر الحلف الاطلسي عبر الفصل بين الاتحاد الاوربي و الولايات المتحدة الامريكية من خلال محاولة إستقطاب فرنسا و ألمانيا و تحريضهما على التمرّد على الخط الامريكي ما أكّدته التصريحات الصينية الاخيرة حول هشاشة المنظومة الامنية الاوروبية، أمّا العقل فيوّجه الصين لِتوخي الحذر و التفكير مليا في مصالحها التجارية مع اوروبا و الولايات المتحدة الامريكية، و تحديد نتيجة هذا الصراع الداخلي الصين بين العاطفة و العقل فسترجّحه براغماتية المصالح…الصينية…
سرحان سعدي
مؤسس و رئيس
سطاس الدولية للدراسات الاستراتيجية
0 تعليق